Mask
Logo

أخبار-عربية

الصراع اليوناني التركي: من استقلال أثينا إلى أزمة بحر إيجه وقبرص

2025-10-21

عام 1821 انطلقت الثورة اليونانية بدعم من بريطانيا وروسيا وفرنسا، معلنة بداية الانفصال عن الدولة العثمانية التي كانت تسيطر حينها على معظم مناطق البلقان، وبعد قرن تقريبًا، جاءت معاهدة لوزان عام 1923 لترسم الحدود الحديثة لتركيا، لكنها تركت خلفها إرثا جغرافيا معقدا لا يزال مثار جدل.

فوفقا للمعاهدة، حصلت اليونان على معظم جزر بحر إيجه، رغم أن بعضا منها لا يبعد سوى كيلومترين عن الساحل التركي. وبحسب التفسير اليوناني للاتفاقيات البحرية، فإن هذه الجزر تمنح أثينا جرفا قاريا واسعا يمتد إلى آلاف الكيلومترات، وهو ما تعتبره تركيا حصارا بحريا فعليا يعزلها عن المتوسط ويقيد حركتها الجيواستراتيجية.

الصراع لم يتوقف عند الجزر فقط، ففي عام 1974 تدخلت تركيا عسكريا في شمال قبرص عقب انقلاب نفذه قوميون يونانيون سعوا لضم الجزيرة إلى اليونان. ومنذ ذلك الحين، بقيت قبرص منقسمة إلى شطرين: شمالي تسيطر عليه تركيا، وجنوبي معترف به دوليًا كجمهورية مستقلة وعضو في الاتحاد الأوروبي. الجزيرة اليوم لا تزال تمثل نقطة ارتكاز حاسمة في أي معادلة بحرية أو طاقوية في شرق المتوسط.

في ظل تصاعد المنافسة على الثروات البحرية، طرحت تركيا نظرية الوطن الأزرق، وهي استراتيجية تعزز تصور أنقرة لمياهها الإقليمية كامتداد للأمن القومي، وتقوم النظرية، التي صاغها الأميرال جيم غوردينيز، على مبدأ أن لتركيا الحق في السيطرة على مساحة واسعة من مياه بحر إيجه وشرق المتوسط، وتحديدًا المناطق التي تعدها أنقرة مشمولة بجرفها القاري الطبيعي.

في المقابل، تستند اليونان والاتحاد الأوروبي إلى خرائط إشبيلية، التي تمنح الجزر حقوقًا بحرية كاملة حتى وإن كانت قريبة من البر التركي. هذا التباين بين الرؤيتين جعل من الترسيم البحري ساحة صراع قانوني وسياسي وعسكري.

وفي خضم هذه المعادلات، تبقى قبرص في مركز العاصفة. بين تقسيمها السياسي وموقعها الاستراتيجي ومياهها الغنية بالغاز، تحولت إلى ساحة صراع إقليمي ودولي تتجاوز فيها الحسابات الوطنية لتتداخل مع مصالح كبرى من الاتحاد الأوروبي إلى روسيا والولايات المتحدة.


تقرير: إيسامار لطيف


Logo

أخبار ذات صلة