2025-09-22
ترسخ كوريا الشمالية يوما بعد آخر مكانتها كقوة نووية، إذ لم تعد تصريحاتها مجرد تحدٍ عابر للغرب، بل باتت تعبيرا عن عقيدة سياسية راسخة، ففي بيان رسمي حسمت بيونغ يانغ موقفها مؤكدة أن صفتها كدولة نووية مكرسة في قوانينها العليا ولا مجال للتراجع عنها، واصفة الدعوات الأميركية المتكررة لنزع سلاحها النووي بأنها استفزاز سياسي خطير.
ويعكس هذا الموقف تحولاً في رؤية النظام الكوري الشمالي، فالتخلي عن السلاح النووي لم يعد ورقة تفاوض، بل أصبح مكونا أساسيا لهويته وسيادته.
وتحمل زيارة الزعيم كيم جونغ أون الأخيرة لمراكز أبحاث الأسلحة رسالة واضحة، إذ لم يعد البرنامج النووي أداة ردع فحسب، بل خيارا استراتيجيا طويل الأمد.
وتشير تقديرات مراكز أبحاث أميركية إلى امتلاك بيونغ يانغ ما بين 40 و70 رأسا نوويا، فضلا عن القدرة على إنتاج عشرات الرؤوس الأخرى بفضل مخزونها من المواد الانشطارية.
وفي العمق يتقاطع هذا المسار مع تحالف متنامٍ مع موسكو، التي يُعتقد أنها وفرت تقنيات متقدمة للصواريخ الباليستية في إطار تعاون عسكري تعزز منذ الحرب الأوكرانية، ما يضيف بعدا جيوسياسيا مقلقا ويضع بكين الحليف التقليدي لبيونغ يانغ في موقف حذر إزاء تمدد النفوذ الروسي.
ويرى خبراء أن الإستراتيجية الأميركية القائمة على الضغوط والمناورات قد تكون عاملا معاكسا، إذ تدفع بيونغ يانغ إلى ترسيخ قناعتها بأن السلاح النووي هو الضمانة النهائية لبقاء النظام.
وأمام هذه المعطيات، يبدو أن شبه الجزيرة الكورية تدخل مرحلة جديدة من سباق الردع، حيث يتداخل النووي بالصاروخي، وتتصاعد المنافسة الإقليمية والدولية، في مشهد تتراجع فيه فرص الحلول الدبلوماسية لصالح معادلة قوة تتسع دائرة مخاطرها إلى ما يتجاوز حدود آسيا.
تقرير: علي الكبيسي