Mask
Logo

entertainment

من داخل التوابيت.. علماء يستنشقون أسرار التحنيط المصري للمومياوات

2025-05-22

في أروقة المتحف المصري بالقاهرة، وبين توابيت حجرية مطلية بألوان زاهية، انطلق العلماء من كلية لندن الجامعية وجامعة ليوبليانا في رحلة علمية نحو أعماق الزمن. لكن وجهتهم هذه المرة لم تكن المومياوات نفسها، بل الهواء المحبوس داخل توابيتها منذ آلاف السنين.

بأدوات دقيقة، جمع الباحثون عشر لترات من الهواء من داخل تسعة توابيت تحتوي على جثث محنطة، يُعتقد أن بعضها يعود لكهنة مصريين قدامى.

لكن المفاجأة لم تكن فقط في البيانات الكيميائية، إذ استعان العلماء بخبراء في الشم مدرّبين على وصف الروائح بدقة، ليحللوا الهواء المستخرج كما لو كان عطرًا. وكانت النتيجة مدهشة: مزيج من الروائح الخشبية الحلوة، وحتى نكهات توحي بالشاي الأسود، جميعها ما تزال تتصاعد من هذه الأجساد القديمة.

في هذه الدراسة، قمنا بتحليل رائحة تسع جثث محنطة في القاهرة، جنبًا إلى جنب مع مجموعة من العلماء والمحافظين وعلماء الآثار، لمحاولة فهم المزيد عن عملية التحنيط وتاريخ هذا التراث المهم للغاية.

اللافت أن هذه الروائح لا تنقل فقط إشارات عن المواد المستخدمة، بل تعكس مفاهيم المصريين القدماء عن النقاء، إذ كان يُعتقد أن العطر الطيب يرمز للإله، بينما ترمز الروائح الكريهة إلى الفساد والتحلل.

وعبر هذا المنهج غير الجراحي وغير المدمر، تمكن الفريق من التمييز بين مركبات التحنيط الأصلية وتلك التي أُضيفت لاحقًا للحفظ. وتفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة أمام المتاحف لتصميم تجارب تفاعلية، تسمح للزوار بشم روائح الماضي، وربما الشعور بعلاقة عاطفية أقرب مع التراث المصري.

لم تعد المومياوات مجرد أجساد ملفوفة بالصمت، بل أصبحت ناطقة بلغة الروائح، تهمس بما استُخدم لتحنيطها، وتروي أسرار الحضارة من قلب توابيتها الصامتة، بأنف بشري قادر على التقاط ما عجزت عنه أعين الباحثين لقرون.


تقرير: علي الكبيسي

Logo

أخبار ذات صلة