منذ اللحظة الأولى لبدء إسرائيل هجماتها على الداخل الإيراني، استأثرت هذه المواجهة باهتمام العالم دبلوماسيا وإعلاميا، لما لها من تداعيات كارثية إذا ما تحولت إلى حرب شاملة.. لكن وسط هذه المواجهة.. ثمة حروب أخرى منسية، لا تزال تحصد الكثير من الأرواح يوميا، وهي تأخذ منعطفا أكثر خطورة مع غياب أفق التهدئة أو الحل الدبلوماسي.

ففي قطاع غزة، لا تزال إسرائيل توغل في دماء الفلسطينيين في القطاع، حيث استمر نسق الهجمات الجوية المميتة على مختلف مناطق القطاع ولا سيما قرب مراكز توزيع المساعدات.. ووفقا لبيانات وزارة الصحة في غزة فإن متوسط أرقام الضحايا يوميا منذ منتصف هذا الشهر يتراوح بين خمسين وسبعين قتيلا، فيما ارتفع في بعض الأحيان إلى نحو مئة قتيل.. يحدث ذلك بينما لم تسفر جهود الوساطة التي تقودها قطر ومصر عن أي جديد فيما يتعلق بجهود وقف الحرب أو التوصل إلى تهدئة مؤقتة.

إلى جانب غزة، تبدو الحرب في السودان طي النسيان، دون أي اهتمام إعلامي أو سياسي، رغم ما تحمله من مآس.. وقد أخذت هذه الحرب منعطفا أكثر خطورة إذ تحذر الأمم المتحدة من أن خطر وقوع إبادة جماعية في البلاد لا يزال مرتفعا جدا، وسط استمرار الهجمات ذات الدوافع العرقية التي تشنها قوات الدعم السريع. لقد أسفرت هذه الحرب منذ اندلاعها قبل أكثر من عامين إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد ثلاثة عشر مليونا، فضلا عن أزمة إنسانية تعد الأسوأ في العالم وفق الأمم المتحدة.

سوريا أبت أن تغيب عن المشهد، لتأتي أنباء الانفجار الانتحاري على كنيسة مار إلياس وسط دمشق وتسرق الأضواء ولو قليلا عن الحرب الإيرانية الإسرائيلية، وأصابع الاتهام تشير لتنظيم داعش.

على غرار الأنباء في دمشق وغزة والسودان، باتت الحرب في أوكرانيا تحظى باهتمام دبلوماسي وإعلامي دولي أقل من المواجهة بين طهران وتل أبيب، على الرغم من تصعيد عسكري روسي غير مسبوق شمل هجوما بالصواريخ والمسيرات هو الأوسع على كييف، وأسفر عن مقتل وجرح العشرات، فيما سجلت محاولات اختراق روسية على جبهات سومي وزاباروجيا وخيرسون، وسط اتهامات كييف لموسكو بمحاولة استغلال الانشغال الدولي بالحرب الإيرانية لتحقيق مكاسب ميدانية. لتظل جهود التوصل لتسوية مهب الريح خصوصا في ظل انشغال ترامب بحرب إيران وإسرائيل، وهو الذي عمل منذ شهور على وضع نهاية للحرب الروسية على أوكرانيا.

تقرير: نادر علوش