2025-06-24
بين موسكو وطهران العلاقة لا تختصر بتحالف سياسي. هناك ملف واحد كاف ليكشف عمق الشراكة. بوشهر، في محطة الجنوب الإيراني حيث المفاعل النووي الأهم، تتداخل الأيادي الروسية والإيرانية منذ سنوات. لكن اليوم يتحول هذا التعاون إلى رسالة حملها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى الكرملين طالباً دعماً واضحاً في وقت لم تعد فيه الخيارات كثيرة.
فالمناخ الإقليمي يشتد والضربات تقاس بالساعة وبوشهر أصبح عنوان المرحلة. في موسكو لم تتأخر الكلمات، بوتين قالها صراحة: الصراع في الشرق الأوسط يدفع العالم إلى منزلق خطير جداً. صوت بوتين: "أصدقائي الأعزاء، يشهد الوضع الدولي الراهن تغيرات ديناميكية، ونرى كيف تصاعد الوضع في الشرق الأوسط بشكل حاد، كما تُجرّ دول غير إقليمية إلى الصراع، كل هذا يضع العالم على حافة خطر شديد".
لكن ما هو هذا المنزلق؟ وما الذي يعنيه بوشهر للكرملين؟ بالنسبة لطهران، بوشهر ليست مجرد محطة نووية، إنها آخر ورقة يمكن الدفاع عنها أو الرد عبرها. فالأنباء تقول إن جزءاً من اليورانيوم الذي تم نقله مؤخراً من منشأة فوردو توجه إلى بوشهر تحت إشراف روسي وربما بحمايته.
عراقجي يقول: روسيا شريك أساسي، والمشاورات قائمة في كل قضية، لكن الأهم من المشاورات هو التوقيت. صوت عراقجي: "لطالما كانت المشاورات بين إيران وروسيا قائمة، في كل قضية عملنا معاً بشكل وثيق وناقشنا ونسقنا مواقفنا، ونظراً للظروف الخاصة الراهنة في المنطقة، من الطبيعي أن تكون مشاوراتنا الآن أكثر دقة وجدية وتقارباً".
موسكو اليوم غارقة في حربها مع أوكرانيا، ومع ذلك لا تتخلى عن الاستثمار النووي في إيران. فأين يبدأ هذا الدعم وأين ينتهي؟ الجواب ربما قد لا يكون في التصريحات بل في بوشهر الذي يتحول تدريجياً من رمز للطاقة إلى رهان استراتيجي. وبوشهر، بشراكته الروسية، أصبح أكثر من مفاعل وربما شيفرة. في زمن تتقلص فيه هوامش الدبلوماسية وتتقدم فيه الطائرات بدل المبعوثين، لا تزال العواصم ترفع شعار الحوار لكن خلف أبواب التفاوض تدور التوربينات ويعاد تخصيب السياسة بلغة أخرى.
تقرير: علي حبيب